قلنا مرارا ان حركة الاخوان في تونس انتهت تنظيميا منذ اواسط التسعينات وبالتحديد سنة 1995 عندما اصبح الغنوشي مجرد متسول بعذابات من تركهم في العراء وانصرف الى الكتابات الهزيلة التي لم تحرك احدا من الباحثين في الاسلاميات والتراث لانها كانت مجرَّد هرطقات تخلط السلفية السرورية بتنطعات القرضاوي الاصولية لتضيف اليها مسحة ليبرالية فهي مقدَّمات تتضمن نتائجها “القطبيَّة المودودية
هكذا تحولت حركة الاخوان في تونس الى جمعية ضيقة لقدماء المساجين والفارين ثم الى شركات “كارتلية عائلية” بمقتضى المصاهرات مع اثرياء الاخوان وحافظ الغنوشي على خط رابط للتفاهم مع النظام والتقف في اوائل الالفية اشارات قوية من الامريكان لاستغلال “الاسلام الاخواني” في مشروع قديم للشرق الاوسط الجديد الذي تبلور في نظرية “الفوضى الخلاقة” سرعان ما استغلها بشراهة مع تنظيمه العالمي ليكتب هامشا على متن كتاب نوح فيلدمان اسماه “الحريات العامة في الدولة الاسلامية” كان الوثيقة التلفيقية التي حملها احمد داود اوغلو في المفاوضات التي اسفرت عن “عصر التمكين”
وهكذا كان الغنوشي يعتقد ان خط الالتقاء بديمقراطيي امريكا هو حبل النجاة اولا ثم قاعدة التمكين ثانيا وكان تولي السلطة للتنظيم في تركيا ومصر وليبيا والمغرب وتونس اشبه بانفتاح مغارة علي بابا لرجل بائس يبحث عن قطعة خبر يابسة الم يقل “انهم كانوا يطمعون بحانوت فاعطاهم الرب السوق كله” مثلما قال رئيس حاخامت اسرائيل لما دخل القدس “حمدا للرب لقد كنا نريد سقفا في السامرة فاعطانا رب اسرائيل مفاتيح اورشيلم المقدسة”
ولكن سقوط اخوان مصر كان فاجعة عظمى لاتزيدها مرارة الا انقطاع الامل بالشام وتخلخل عرش السلطان المزيف بالاستانة وسقوط شرعية اخوان ليبيا وعبث مليك المغرب ومخزنه باخوان بن كيران ومتانة حصن الجزائر العظمى
هكذا انسلَّ الخريجي بمرارة ودهاء كسارق ليل من الواجهة ليواصل امساك خيوط كثيرة حتى لايفقدها كلها متسلَّحا بضعف الدولة وانتهازية المناوئين وغباء احزاب اليمين واليسار ومخازن السلاح الخفية والاف الجمعيات المنغرسة ظاهرا وخفية وهيئات دستورية مفبركة واعلاما مساوما مستخذيا ووضعا اقتصاديا هشَّا وكمن غير بعيد
انه يعلم ان بيته الزجاجي سيتهاوى مع كل ريح قوية تحركه وان السلاح الوحيد الحقيقي الذي يملكه هو المال السياسي وبعض ما تبقى من الدعم الخارجي وان كثيرا من اللفيف المفروق الذي جمعه سيتلاشى عند اول احساس بضعفه ماديا ودوليا وانه ان سقط فلن تنفعه رابعة او خامسة لذا فان الحركية الاخيرة انما هي استباق للعواصف العاتية
لاشك ان العام الكبيس القادم سيكون صعبا على الخريجي الذي يرى بعين بصيرة ان التراجع انتحار وان التقدم الى المجهول خطير وما يضيره ذلك فبامكانه تامين نفسه واهله وخاصَّته مقابل البضاعة الثمينة دائما “ملف كامل يحمله زيتون “كاتب سره وليذهب الباقون الى جحيم ثان ريثما تعرض مظلوميتهم “بنت سدرين “اخرى بعد ثلاثين عاما