في اليوم العالمي للمهاجر: عندما تُنتهك حقوق الأفارقة في تونس!

فيما العالم يحيي اليوم العالمي للمهاجرين، تبقى أوضاع الأجانب المقيمين في تونس غامضة في جوانبها القانونية والإجتماعية بل تتعرض بعض الجنسيات الى انتهاكات عنصرية صريحة.

يخضع كل الأجانب الوافدين على تونس الى القانون عدد 7 لسنة 1968 المؤرخ في 8 مارس 1968 المتعلق بحالة الأجانب بالبلاد التونسية ويعرف هذا القانون بمن تعتبره الدولة التونسية مواطنا أجنبيا و بشروط دخول البلاد التونسية والموانع التي تقتضي طرد الأجانب والعقوبات المقررة للتونسيين عند إيوائهم للأجانب بشكل غير قانوني كما نص هذا القانون على جملة من الشروط للعمل في تونس والحصول على تراخيص إقامات مؤقتة أو دائمة. والمتأمل في هذا القانون يعي من الوهلة الأولى ان تونس كانت سباقة في اعتماد مقاربة أمنية خالصة في التعامل القانوني مع الأجانب الوافدين عليها وهو ما فتح الباب على مصراعيه أمام السلطة التنفيذية لتأويل هذا القانون وفق اعتباراتها الخاصة ودون احترام في عديد الأحيان مضامين الاتفاقيات الدولية التي أمضت عليها تونس في علاقة بالحقوق الإنسانية للمواطنين الأجانب وخاصة اللاجئين منهم. والحقيقة أن هذه المقاربة الأمنية لم تعد تتماشى ومضمون الدستور التونسي الجديد الذي أراد له من صاغه وصادق عليه، أن يكون متناغما مع الميثاق العالمي لحقوق الأنسان.
أفارقة غرباء في إفريقية…
اعتمادا على آخر نتائج الإحصاء العام للسكان لسنة 2014، هم ثلاث وخمسون الف أجنبي يقيمون في تونس بشكل قانوني أي لديهم بطاقات إقامة صادرة عن مصالح وزارة الداخلية. والحقيقة أن هذا الرقم لا يعكس الواقع باعتبار أن الاف الاجانب الذين يعيشون في تونس لم يشملهم المسح السكاني المذكور. وفي طليعة هؤلاء الأجانب نذكر الطلبة الأفارقة والذين يبلغ عددهم حسب بعض المصادر الجامعية قرابة الخمسة عشر الف طالب حيث يمثلون الثلاثين بالمائة من طلبة الجامعات الخاصة. ذات المصادر تحدد رقم معاملاتهم بثماني ملايين دينار شهريا موزعة بين مصاريف دراسة وأكل وسكن وعلاج ونقل وما الى ذلك. في المقابل لا يمكن تحديد عدد العمال الأفارقة المقيمين في تونس باعتبار أن جلهم يقيمون بطريقة غير شرعية وهم عادة من الذين اختاروا تونس كمحطة عبور الى اوروبا وبالتالي يقيمون في بلادنا يشكل عرضي في انتظار توفر فرصة للمغادرة اما بشكل قانوني أو خلسة الى ايطاليا. وبالنظر الى ظروف عيش هؤلاء الأفارقة في تونس، ثمة ما يثير الكثير من الريبة بين ما تدعيه تونس من تمسك بحفظ الكرامة البشرية وبين ما يتعرض له هؤلاء المواطنون الأفارقة من سلوكات تصل في بعض الأحيان الى الانتهاك العنصري.
جريمة دولة…
طلبة و مواطنون أفارقة عاديون يتحركون بيننا في الفضاء العام دون أن يتحسس جزء كبير من التونسيين حجم المأساة التي يتعرضون لها يوميا و إضافة الى العنف اللفظي والمادي الذي يعاني منه المواطنون الأفارقة، فإن العديد من اصحاب المشاريع الخاصة كالمقاهي والمطاعم وشركات البناء والفلاحين والعائلات الثرية يشغلون هؤلاء دون احترام قوانين الشغل ويكلفونهم بالمهام الشاقة دون مراعاة الحد الأدنى من شروط السلامة (الشروق بحوزتها ملف كامل حول التجاوزات المهنية في حق الأفارقة في تونس). والغريب أن هذه التجاوزات تحدث على مرأى ومسمع من الجميع وخاصة متفقدي الشغل ومصالح المراقبة التابعة لوزارتي الشؤون الاجتماعية والتشغيل. وفي طليعة هذه الانتهاكات يمكن ذكر الأجور وعدد ساعات العمل والراحة والعطل فبحكم أن غالبية هؤلاء الافارقة يقيمون بشكل غير قانوني في تونس، فأن مؤجريهم عادة ما يخيرونهم بين حقوقهم أو الطرد بل والإبلاغ عنهم لدى مصالح الأمن. وتبقى المرأة الإفريقية الأكثر عرضة لهذه الانتهاكات في ظل تجاهل منظمات المجتمع المدني ومصالح الدولة لوضعيتها المزرية. وتبقى معضلة الحصول على أوراق إقامة بالنسبة للطلبة الأفارقة من المفارقات الغريبة التي لا يمكن أن تحصل الا في بلد مثل تونس. ففي حين يقوم هؤلاء بكل الإجراءات اللازمة للدراسة في تونس والتسجيل في الجامعات والمدراس وتوفير المصاريف اللازمة للاقامة، فإنهم يصطدمون بعديد الإجراءات المعقدة للحصول على شهادة إقامة التي غالبا ما ترفض ويضطر العديد منهم الى العيش دون اثبات قانوني لوجوده في تونس بل هناك من أسرّ لنا بأن عليه ابلاغ مركز الشرطة دوريا بمكان اقامته وهو ما يتنافى مع الحقوق الدنيا للمهاجرين. أما عن وضعية اللاجئين فتلك مأساة اخرى لا تعلمها الا النساء السوريات واطفالهن الذين دفعت بهم الحرب للجوء الى بلادنا…

عدد الأجانب المقيمين بتونس

جاء في إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء في مسحه السكاني لسنة 2014 أن 53,490 الف أجنبي يقيمون في تونس بشكل قانوني. وتعتبر الجالية الجزائرية اهم جالية حيث بلغ عدد افرادها 9996 تليها الجالية الليبية بـ 8772 مواطن ثم الفرنسيون بـ 8284 مقيما والمغرب بـ 5565 مواطنا فالإيطاليون الذي يبلغ عددهم 2118 مقيما والالمان بـ 1393 مواطنا فالمصريون بـ 1093 مقيما والسوريون بـ 1024 مواطنا أما المقيمون العراقيون فبلغ عددهم 550 يليهم الموريتانيون بـ 508 مواطنين علما وأن هذا المسح لا يشمل الأجانب المقيمين بشكل غير شرعي والاشقاء الليبيين والبعثات الديبلوماسية وعائلاتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.