82 الف حالة في تونس: سوق العبيد يعود من جديد

والعالم يحيي البوم العالمي لمكافحة العبودية الحديثة، ليست تونس بمعزل عن هذه الظاهرة التي تعني النساء والرجال والاطفال على حد سواء الذين يعيشون بيننا دون وعي منا بحجم المأساة التي يعيشون…

تونس (الشروق)
هم، حسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة 85 مليون فرد حول العالم معنيون بظاهرة العبودية الحديثة التي تعرفها ذات المنظمة على أنها الاحتفاظ القسري بالأشخاص وإجبارهم على تعاطي أنشطة يستفيد منها دون مقابل الجلاد. والجلاد في هذه الحالة يمكن أن يكون فردا أوجماعة أوقريبا بمن في ذلك الازواج والأولياء والأشقاء يستولون عادة على إرادة الضحية باستعمال العنف والقوة أوالحيلة أوالاغراء أوغسل الدماغ ليحولوها الى « عبد لاستغلاله في استعمالات مختلفة « حسب تعبير وزير الخارجية الفرنسي السابق برنارد كوشنار. هذه «الاستعمالات «يمكن أن تكون جنسية أومهنية أوعسكرية أوحتى شؤون منزلية دون مقابل وفي أحسن الحالات مقابل الاكل والنوم. الى ذلك تقول تقارير الامم المتحدة أن ضحايا العبودية الحديثة عادة ما يدفع بهن الفقر والظروف الاجتماعية المتردية الى السقوط في فخ جلاديهن وحين تعي تلك الضحايا بالجحيم الذي ينتظرهن يكون من الصعب عليهن التخلص من براثن « أسيادهن «. ويؤكد علماء الإجتماع وخبراء الجريمة أن ضحايا العبودية الحديثة عادة ما نعترضهن في الشارع دون أن نعي حجم مأساتهن لذلك من الصعب الوصول الى الجلادين وهوما جعل هذه الظاهرة تستفحل عبر العالم لصعوبة الولوج الى العالم الداخلي الذي يتحكم فيه الجلاد في ضحيته دون رحمة أوشفقة. وغالبا ما يمنع الجلاد ضحيته من التواصل مع العالم الخارجي والتحدث الى الناس اذ بعزل « العبد « يضمن الجلاد الحماية والهروب من العقاب. والحقيقة أن تونس ليست بمعزل عن هذه الظاهرة التي تمس خاصة المعينات المنزليات والزوجات وحتى الأبناء حتى وإن كان بعض علماء الاجتماع يعتبرون ما يقوم به بعض الدعاة من غسيل دماغ للشباب التونسي بهدف تشجيعهم على الانضمام الى الجماعات المسلحة أوالقيام بعمليات إرهابية يعتبر كذلك شكلا من أشكال العبودية الحديثة. وتقدر منظمة Walk Free Fondation في تقريرها لسنة 2016 عدد العبيد الجدد في تونس ب 82 الف فرد.
من فتاة الإسطبل الى معينة الوردية
يمر المجتمع التونسي عادة بجانب بعض الجرائم دون وعي بأنها ترتقي الى العبودية الحديثة كما تعرفها منظمة الامم المتحدة. وغياب هذا الوعي يحول هذه الجرائم الى أفعال وسلوكات عادية تشجع مقترفيها على التمادي في ارتكاب جرائم أخرى أكثر فظاعة ووحشية. ولعل مأساة فتاة بلدة الشراردة بولاية القيروان عينة كافية تثبت تنامي ظاهرة العبودية الحديثة في تونس. ففي شهر جوان الفارط، تمكن أعوان الأمن من إنقاذ إمرأة تبلغ من العمر 33 سنة تم حبسها من طرف عائلتها في اسطبل لمدة 28 سنة وقال الطبيب النفسي الذي تولى معاينة حالة الضحية أن هذه المرأة عاشت ظروفا نرتقي الى درجة العبودية حيث كانت تعامل كالحيوان. وقبل هذه الحادثة بسنوات، قامت طفلة بوضع حد لحياتها في منطقة الوردية بتونس العاصمة بعد تعرضها لشتى انواع الاستغلال من طرف افراد عائلة كانت تشتغل لديها كمعينة منزلية. وأكدت تقارير مندوب الطفولة في تلك الفترة أن الضحية لم تكن تتلقى أجرا بل تكتفي العائلة المشغلة بإطعامها وإيوائها في المطبخ وحين كانت الضحية تحاول الهروب من هذا الجحيم، كانت تتعرض للضرب والحرق في أماكن حساسة من جسدها. وقرأت منذ أيام على موقع التواصل الاجتماعي تدوينة للزميلة الصحفية زهور زهرة المشرقي جاء فيها « قصة حزينة نوعا ما: عندي جارتي كل صباح نقوم على حسها هي وزوجها، يوميا صباحا مساء ويوم الأحد يشد يكبلها سعدها الي هوديجا مكبوب بطريحة اي نعم ومش اي طريحة ياكللها قلبها وهي تعيط وتصيح باش يقتلني باش يقتلني… أي نعم. هالمرا ساكتة على غلبتها وهي الي طريحة الصباح وطريحة لعشية. ضرب وسب وشتم واهانة. ما نعرفش نسخف عليها ولا نقول تستاهل خاطر ساكتة ومساهمة في جريمة تنجم تجيب اخرتها يوما ما‎. هالمرا الضحية المذنبة عندها زوز اولاد مختلين عقليا وهي لاهية بيهم في النهار وفي الليل تخدم في سبيطار. تجي الصباح تاكل طريحة متاع كره ونقمة وبرشا غل. ما نعرفش كيفاش يمكن مساعدتها. الراجل يحاسب فيها على شنوة؟ على حكم ربي (اعاقة الاولاد) ولا صبرها وتضحيتها ولا على تعبها معاه وهوراقد في الدار. .جارتي كيفها برشا نسا برشا برشا ساكتين…». والحقيقة أن الاف النساء في تونس يعشن ظروف هذه الزوجة حيث يتم استغلالهن جنسيا وافتكاك مرتباتهن اضافة للضرب والتعذيب.
زوجات ولكنهن عبدات
من ابرز الظواهر المسكوت عنها في تونس تلك المتعلقة بوضعية المرأة المتزوجة في تونس. فلاعتبارات أخلاقية ودينية واجتماعية، يعطي المجتمع التونسي الحق للزوج لتملك زوجته بل تحويلها الى عبدة تخضع لإرادته وتتقيد بما يرسمه لها من قيود. وفي حالة تمرد الزوجة، عادة ما يكون مصيرها التعنيف والتعذيب وحتى القتل. وجاء في نتائج دراسة أنجزها الاتحاد العام التونسي للشغل كشفت عنها نجوى مخلوف منسقة اللجنة الوطنية للمرأة العاملة بالمنظمة «أن نسبة النساء المعنفات في تونس قد بلغت حوالى 50 بالمائة. وتنسى هذه النسبة خصوصا النساء اللاتى تتراوح أعمارهن مابين 18 و64 سنة وهن نساء في غالبيتهن متزوجات». وأوضحت مخلوف «أن العنف المسلط ضد المرأة ينقسم الى 4 أنواع وهو العنف الجسدى والنفسى والجنسى والاقتصادى مشيرة الى أن أعلى نسبة من أنواع العنف المسلط على المرأة هوالعنف الجسدى الذي فاق 32 بالمائة يليه العنف النفسي الذي احتل المرتبة الثانية بنسبة 28 فاصل 9 بالمائة ثم العنف الجنسى ب 15 فاصل 7 بالمائة فالعنف الاقتصادى ب 7 فاصل 1 بالمائة «. ورغم هذه الارقام فإن المشرع التونسي لا يعترف بجريمة العبودية الحديثة بل كيفها على أنها جرائم عنف واختطاف وسوء معاملة وهوما لا يتماشى مع منطوق منظومة حماية حقوق الانسان في العالم.

قطر

الأولى عربيـــا والرابعة عالميـــــا في استعباد الناس ويقدّر عدد المستعبدين فيها بنحو 29 ألفا و400 شخص اي نحو 1٫4 ٪ من عدد سكانها

أرقــــــــــــام ودلالات

بين مؤشر رصد ظاهرة العبودية لسنة 2016، أن 85 مليون شخص حول العالم يعيشون تحت وطأة ما يسمى بـ«العبودية الحديثة»، إذ يتم إجبارهم على أداء الأعمال اليدوية في المصانع والمناجم والمزارع، فضلاً عن ممارسة الدعارة، والمشاركة في الحروب قسرياً. كما يتم استعبادهم لسد الديون، أوإرغامهم على تنظيف منازل الأثرياء وفقا للمؤشر العالمي، الذي تتولى إعداده مؤسسة «ووك فري» وهي منظمة حقوقية استرالية. كما اظهر المؤشر أن 6.1 % من عدد الأشخاص الذي يعانون من العبودية الحديثة في العالم، يعيشون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأعطى لحكومات دول هذه المنطقة تقدير ضعيف جداً في استجابتهم لإنهاء ممارسات العبودية. واحتلت الإمارات المرتبة الثالثة في القائمة، والـ 12 عالميا، وقُدر عدد المُستعبَدين فيها بنحو98 ألفا و800 شخص بنسبة 1.05 % من عدد سكانها.وحسب ذات للمؤشر، جاءت مصر في المرتبة الثامنة ضمن قائمة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وُقدر عدد الذين يعانون من العبودية فيها بنحو393 ألفا و800 شخص، بنسبة 0.480 %، بينما احتلت السعودية المرتبة 17 في نفس القائمة بعدد مُستعبَدين 84 ألفا، بنسبة 0.292 من عدد سكانها تليها تونس ب 82 الف حالة.

الشروق اونلاين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.