” إما الفساد وإما الدولة “

 

هكذا نطق ” يوسف الشاهد ” رئيس الحكومة واضعا نفسه بين الجنة والنار بلهجة لا لبس فيها منتصرا لتونس وللدولة بما يعني أن تونس في قبضة الفاسدين ليست تونس وأن الدولة إذا اخترقها الفساد ضاع معناها وفقدت صفتها.

نزل الخبر بردا وسلاما على قلوب التونسيين  العليلة وعقولهم الكليلة من فرط ما تكبدوا من الألم وهم يرون الفاسدين على بلاتوهات الإعلام يعلنون إيماء وتصريحا بما مفاده أنهم عناوين المشهد السياسي وصانعوه وأنهم أرباب كلابه.

حيرت هذه الصفاقة التونسيين وهم يرون ببصرهم وبصائرهم إلى أي درك نزل الخطاب السياسي على أيدي رهط من آكلي السحت أبوا إلا أن يفسدوا ” السياسة ” بعد أن عاثوا في المال فسادا.

لم يكن إطلاق المعركة ضد الفساد أمرا طارئا بالنسبة إلى الشاهد أو مجرد مناورة سياسية للتغطية على صعوبات أخرى كثيرة وإنما كانت جملة صريحة وردت منذ خطاب التنصيب. لم يقف عندها الملاحظون طويلا ليأسهم  من جرأة أي حكومة  على فتح ” عش الدبابير “.

لم تتعجل حكومة الشاهد الأمر بحثا عن سياق مناسب لتنفيذ ما وعدت به التونسيين ولم يطلق أعضاؤها ألسنتهم بالتهديد والوعيد ولم يستبقوا الأمر بحملة إعلامية بل اكتفى الشاهد بتصريح مقتضب طمأن فيه التونسيين بأن حكومته ماضية إلى النهاية في حربها على الفساد ، لأن المواطنين فقدوا منذ وقت طويل الثقة في تصريح الحكومات ووعودها التي قليلا ما ترى النور.

يبدو أن الحكومة خيرت الابتعاد عن الضجيج الإعلامي وراهنت على المباغتة في إيقاف الفاسدين والمهربين  وتركت الأفعال تتكلم وهذا في حد ذاته تمش لا يخلو من تدبير.

ابتهج المواطنون – وحق لهم ذلك – بإطلاق الحرب على الفساد وأيدوا  هذه الخطوة لكن شكوكا عميقة  ما تزال تساورهم حول جدية الحكومة في المضي إلى النهاية في مكافحة الفساد. غير أن الشاهد لا يملك اليوم بعد تصريحه المقتضب إلا أن يفي بوعوده أو ينزاح عن المشهد السياسي لأن الجمل القليلة التي فاه بها تقيده تقييدا ولا تسعفه بأي منفذ للطوارئ في صورة نكوصه عن ذلك.

وفي مقابل ذلك على التونسيين أن يغتنموا هذه الفرصة وأن يؤيدوا هذا التمشي وأن يقبلوا بالتضحيات اللازمة لكنس الفساد من أرض تونس وإرساء حوكمة رشيدة تتناغم مع مطالب الثورة في الإصلاح وقطع دابر الفساد حيثما حط رحاله.

نحن جميعا مع تونس التي تكافح الفساد. في هذه اللحظة بالذات ينبغي أن نذهب موحدين نحو هدف محدد ألا وهو تطهير تونس من الفساد والفاسدين.

مصبـــــــــــاح شنيــــــــب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.